توكل كرمان يتغنى بها الكتاب – محمد المياحي

لن يرضوا عنك يا توكل ولو فرشتي لهم الأرض بالورود، سيجدون دائمًا منفذًا للطعن فيك، حتى وأنتِ تقفين في أكثر المواقف شرفًا ونبلًا.
لن يغفروا لك جاذبية حضورك مهما كان الأمر، إنهم يرونك تتمددين في قلوب الجماهير على حساب خمولهم، حيوتك تفضح هزالهم، تذكرهم بلؤمهم، وتمعن في تقزيمهم في ذاكرة الناس.

لستِ أكثرهم ثراءً، لكنك أعظمهم نبلًا وشهامة، إنك تقدسين الإنسان كل الإنسان، ترين أن بناءه هو المكسب، وتفنين حياتك لأجل البؤساء والشباب التائهين، تتقاسمين مصروفك معهم، تربتين على أكتافهم وتسنديهم للوقوف على أقدامهم.

تفعلين ذلك دونما بحثًا عن مكسب ولا منصب، ولا حتى بحثًا عن حضور لحظي أو ولاء مزيف، فلك من المكانة ما يكفي ومن الحضور ما يروي عطش الذات؛ لكنها الأصالة التي ترفض مفارقة الناس وترى مجدها الحقيقي في الإلتصاق الدائم بهم والانتماء المستمر إليهم. بل إنني أكاد أجزم أن من بين الشباب الذين كرمتيهم أشخاص يناهضونك، ولديهم صورة خاطئة عنك، لسبب أو لأخر، لكنك لا تكترثين لهذا، تهبين ذاتك للأخرين وتذهبين للمنام بضمير هانئ ونفس راضية عن جهدها، بصرف النظر عن هوية الأشخاص الذين حظوا بثمرة هذا الجهد.

فيما مسؤولينا المتخمين يقاتلون لأجل حياتهم الخاصة، يراكمون الثروات كتجار جشعين يخافون تقلبات الغد ويخشون تناقص أرصدتهم في البنوك. ثم لا ينسون أن يخرجوا للتباكي على حال الناس، يذرفون دموع التماسيح عليهم، ولا يفعلون شيئًا لانقاذهم.

وحين يرونك تنفقين ريالاتك القليلة لترميم حياة الناس ولا تكترثين لفقر أو غنى، يشعرون بالخجل أمامك، إنك تلسعينهم في أشد مواطن نفوسهم خساسة ولؤم، لهذا يتداعوا للتشكيك بدوافعك، إعتقادًا منهم أن ذلك سيسهم في تشويش مواقفك النبيلة في ذاكرة الجمهور، فيما هم يتقيؤن على ثيابهم، ويمعنون في كشف نذالتهم أمامنا وأمامك.

يقولون إنك تسعين لاستغلال المواقف؛ كي تراكمين شعبيتك، حسنًا، هذه نقطة قوة لك وليست مدعاة للخجل، إنك لا تشتغلين بإنسانية فحسب بل وذكاء أيضًا، تتواجدين في أكثر الأماكن حاجة لك، تستشعرين اللحظات الحساسة وتثبتين حضورك فيها. ليتهم يتوقفوا عن غمطك وينخرطون لمنافستك في الفاعلية والحضور، لكنهم لن يفعلوا، ولا يملكون الجسارة لذلك.

صدقيني إنهم قوم معطلين تمامًا، لا يطعمون بائس ولا يواسون محتاج، لا يكرمون ناجح ولا يرعون إبداع، بل لا يعرفون ما يجري حولهم، ولا شغل لهم سوى الانهماك بحياتهم والطعن في نشاط الشخصيات التي تتجاوزهم في سلم المجد والحضور.

على كل حال، دعك من كل هذا، أعلم أنك معتادة على مواجهة كل تنويعات التفاهة المتناسلة وبشكل دائم.
فقط، أحببت أن أهمس لك كواحد من الشباب الذين ينظرون لك بتجرد ويرون فيك أملًا كبيرا لهذه البلاد.

كوني على ثقة أن نتائج سنوات من الشيطنة لشخصيتك سواء تلك التي مولها النظام السابق أو تكفل بها اليسار لاحقًا، وتداخلت فيها جهات كثيرة، كل هذه الأباطيل تذوب وتنسحر يوما بعد أخر. دعيني أزعم أنني مراقب دقيق لتحولات مواقف الكثير من الناس، وألحظ كل فترة تغيرات كثيرة في النظر إليك، خصوصًا وسط الأجيال الشابة، وهذا ما يسعدني أكثر حين أشعر بفشل الآلة المرضية في تحقيق هدفها منك واختراق ذاكرة الجمهور وتلويث موقفهم منك.

يحدث هذا، كنتاج طبيعي للفعل الدائم والمرتب لنشاطك وحضورك المكثف في كل مكان، وهكذا شيء فشيء تنتهي صلاحية الشائعات، تتلاشى الخرافات، يغير الناس الأنقياء مواقفهم منك بعفوية، لنتأكد ألا شيء قادر على طمس حقيقة جوهرك، ولا أحقاد الخاملين يمكنها منافستك أو تقليص مجدك المتعاظم كل يوم.

“وأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”

* سيدخل الآن بعض التافهين ليهمزوا ويستدعوا أمراضهم لتفسير دوافع المنشور، سوف أبصق في وجوههم، وأذهب لكتابة المنشور الثاني عنك.

المجد لك حتى تشرق الشمس من مغربها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *