من تعرف على كتاب أيسر التفاسير، فيبحث عن مؤلفه؟ فهذا سؤال يحضر في أذهان من تعرف على هذا الكتاب العظيم، وحتى يسعنا أن نتعرف على مؤلف كتاب أيسر التفاسير، الذي يشير إلى أن الكتاب خاص بتفسير القرآن الكريم، وفي هذا المقال سنتعرف على مؤلف الكتاب ، وأسلوبه في التفسير، والمراجع المستند إليها في هذا.
من هو مؤلف كتاب أيسر التفاسير؟
قد قام “أبو بكر جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر المشهور باسم أبي بكر الجزائري” بتأليف كتاب أيسر التفاسير، ولد “الجزائري” عام 1921م، وقد ولد في قرية” ليوة” في جنوب الجزائر.
وقد بدأ بحفظ القرآن الكريم في سن صغير واهتم بدراسة الفقه وخصوصاً المالكي، بعدها أنتقل إلي مدينة “بسكرة “، وتتلمذ على يد كبار مشايخها، ثمَّ توجه مع أسرته إلى “المدينة المنورة”، واكمل دراسته هناك حتى حاز على (إجازة) من رئاسة القضاء في “مكة المكرمة”.
وأصبح بعدها مدرسًا في “المسجد النبوي” يقوم بتدري القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، ثم أصبح بعدها أستاذاً في الجامعة الإسلامية التي أقيمت عام 1380 هجرياً.
حتى تقاعد عن العمل في التدريس عام 1406 هجرياً، إلى أن لاقية وفاته المنية في الخامس عشر من أغسطس عام 2018 ميلادياً في “المدينة المنورة“، عن عمر يناهز السابعة والتسعين.
أسلوب التفسير في كتاب أيسر التفاسير:
قد نهج الأستاذ الجليل “أبو بكر الجزائري” عندما شرع في تأليف كتاب أيسر التفاسير، أسلوب التفسير السهل والموجز.
فقد كان يأخذ كل آية قرآنية على حدى ويقوم بشرحها بشكل مجمل ويوضح معانيها، وكذلك يذكر المناسبة التي نزلت فيها هذه الآية، وما هي الأحكام والمواعظ والدروس المستفادة منها.
وقد اعتمد في تفسيره على المذهب الخاصة بالسلف الصالح، وكذلك وضح الأحكام استناداً إلى مذاهب الأئمة الأربعة، ولم يحيد عنها.
وقد قام “الجزائري” بتفسير الآيات باستخدام معاني توضح المراد من كلام “المولى جل وعلا”، وفي نفس الوقت سهلة الفهم على المسلمين العامة.
ويعتبر تفسير وسطي ليس بالمختصر جدًا الذي يدخل بالمعنى، ولا بالطويل الذي يمل منه القارئ، كما أنه سلك نهج السلف الصالح في توضيح الأمور الخاصة بالعقائد الرئيسية، واستخدام الأسماء والصفات أيضاً. ولم يخرج عن المذاهب الأربعة الرئيسية في الأحكام الفقهية خاصةً، وكذلك إخلاؤه من الإسرائيليات جميعها صحيحها وسقيمها.
ماعدا الذي لابد منه حتى نتمكن من فهم الآية، كما أنه أغفل الخلافات التقسيمة، والتّزم بما رجحه “ابن جرير الطبري” في تفسيره عندما اختلاف المفسرين في معنى الآية.
كما تمييز الكتاب بإخلائه من المسائل النحوية والبلاغية وكذلك الشواهد العربية، وأيضاً عدم التعرض للقراءات إلا نادرًا، في حالة ما كان معنى الآية يتوقف على هذا، وكذلك اقتصر على الأحاديث الصحيح.
كما جعل مؤلف الكتاب عبارة عن دروس منظمة ومنسقة، فقد قسم كل درس يحتوي على شرح وتفسير، وتوضيح معاني الكلمات لعدد من الآيات القرآنية قد تكون آية واحدة أو إثنين أو الأكثر من هذا، واستخدم قراءة حفص في تشكيل الآيات، وبِخط المصحف.
سبب تأليف كتاب أيسر التفاسير:
قد أوضح” الجزائري” في مقدمة كتابه أيسر التفاسير أن هذا الكتاب يعتبر تفسير موجز للقرآن الكريم، وأنه قد راعى فيه عن تأليفه احتياج المسلمين اليوم إلى فهم وتفسير كلام المولى عز وجل، الذي يمثل مصدر الشريعة، وكذلك هو السبيل لهداية كل مسلم وعاصمُه من الأهواء النفس، وهو شفاؤه من كل سقم.
كما راعىٰ “الجزائري” في كتابه أيضاً رغبة كل مسلم في دراسة وفهم كتاب الله الكريم، والعمل به.
ولم تكن هذه الرغبة لدى المسلمين منذ البداية، حيث أن القرآن كان يقرأ على الأموات من دون الأحياء كما يُعتبر تفسيره على أنها خطيئة من الخطايا بل وذنباً أيضاً.
حيث انتشر بين المسلمين أن تفسير القرآن الكريم “صوابه خطأ وخطأه كفر، ولهذا القارئ يقرأ الآية بسم الله الرحمن الرحيم { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}، عندما يكون الناس عند ضريح الولي المدفون في المسجد.
كما يطلقون عليه لقب السيد وينادوا بإسمه “يا سيدي فلان، ومع هذا لم يجرؤ أحد أن يواجهها ويقول لهم ألا تدعوا السيد لقول الله عز وجل: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}.
وأيضاً يقرأون الآية بسم الله الرحمن الرحيم {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، ويسمعها من يسمعها، ولا يطرأ على بالهم أن الآية تشير إلى كفر من لم يحكم بكلام الله تعالى وما أنزل، وأن أغلب المسلمين يقعون في هذا الكفر، حيث أنهم تركوا حكم الشريعة الإسلامية واعتمدوا على حكم القوانين المنقولة عن قوانين شرقية وغربية، وهكذا كان يقرأون القرآن على الأموات والأحياء ولا ترى أثره في الحياة.
ومع حدوث اليقظة الإسلامية في هذه الأيام فقد توجب على العلماء والفقهاء وضع تفسير ميسر وسهل يتاح لجميع الفئات الثقافية لأنه يجمع بين المعنى المقصود وراء كلام الله، مع الألفاظ التي يستطيع أن يفهمها المسلم اليوم.
كما يتبين فيه العقائد السلفية المنجية، وكذلك الأحكام الفقهية الأساسية، مما يساعد على زرع التقوى في النفوس، وحب الفضائل وبغض الرذيلة، وكذلك الحث على المواظبة بأداء الفرائض، والتجمل بالأخلاق القرآنية الحميدة، والتعلم من الآداب الربانية.
وقد عزم ” أبو بكر الجزائري” على القيام بتأليف كتاب أيسر التفاسير على عدة مرات خلال سنوات، بعد أن طالبه الكثيرين من مُستمعي دروسه في تفسير القرآن الكريم في المسجد النبوي الشريف، أنه إذا وضع تفسير القرآن الكريم للمسلمين، ذات عبارات سهلة، وقريبة يساعد بها على فهم كلام المولى عز وجل.
وكان الجزائري يعد مطالبينه أحياناً ويتهرب منهم أحياناً أخرى، حتى أتم ختم التفسير ثلاثة مرات وأوشك على الرابعة، ولكنه كان بين الخوف والرجاء إلى أن شاء الله عز وجل أن يجالس في أواخر شهر محرم عام 1406 هـ، مع فضيلة الدكتور “عبد الله بن صالح العبيد” فقد كان رئيس الجامعة الإسلامية وقتها ويقول له: “لو أنك وضعت تفسيراً للقرآن على نمط الجلالين بل ويحل محله في التدريس في المعاهد، على أن يلتزم فيه بالعقيدة السلفية التي يفتقد لها “تفسير الجلالين” الذي تسبب بضرر كبير بقدر ما نفع، وصادف هذا ما كان في نفس الجزائري، لهذا أجابه بأن سأفعل بإذن الله تعالى.
وبهذا الوعد استعان “ابو بكر الجزائري” بالله العلي العظيم، وبدأ في أوائل شهر رجب عام 1406 هجرياً بتأليف أول مجلد من كتاب أيسر التفاسير والذي يضم تفسير ثلث القرآن الكريم، ثم في أول شهر رمضان كان قد تم طباعة المجلد الأول بفضل الله، ثم واصل التأليف، حتة ينتفع به كل أمة الإسلام، حتى يعين كل من يقرأه بهدف معرفة مراد الله تعالى من كل آية.
المراجع التي اعتمد عليها “الجزائري” عند تأليف كتاب أيسر التفاسير:
قد أعتمد شيخنا الجليل” أبو بكر الجزائري” عند تأليفه لكتاب أيسر التفاسير على أربع مراجع تفاسير هي:
- ” جامع البيان في تفسير القرآن” الذي قام بتأليف “محمد بن جرير الطبري”.
- ” تفسير الجلالين” للمؤلفان “جلال الدين المحلي” و”جلال الدين السيوطي”.
- ” تفسير المراغي” قام بتأليفه
“أحمد مصطفى المراغي”.
- ” تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان” قام بتأليفه
“عبد الرحمن بن ناصر السعدي”.
…وفي النهاية يعد كتاب أيسر التفاسير من المؤلفات العظيمة التي يجب أن تكون في بيت كل مسلم لتعينه على فهم كتاب الله الكريم بسهولة ويسر.